الخميس، 3 نوفمبر 2011

الأمومة .. ولادة جديدة للذات


    الأمومة .. ولادة جديدة للذات 
وليست مقبرة الطموح

منذ صغري وأنا أقرأ في كل الروايات وأشاهد في كل الأفلام والمسلسلات صورة ثابتة للأم .. التضحية ونكران الذات من أجل أطفالها .. ثم تستنكر بعد ذلك إهمال أولادها لذاتها واهتماماتها دون أن تدرك أنها هي التي أوحت لهم بذلك من خلال إهمالها لنفسها ..





    فالأمومة لا تعني أن تهمل الأم نفسها وأحلامها وطموحاتها لأجل أبنائها .. بل تعني أن تقوم الأم بكل جهدها لتربية أبنائها تربية صحيحة ليكونوا أصحاء نفسياً وجسدياً .. وليصنعوا بذرة صالحة للمجتمع في المستقبل .. دون أن تنسى أحلامها 
وبالمقابل فهي بإتقان هذه التربية ستجد أنها تحقق ذاتها من خلال نجاح أبنائها وتفوقهم بل وستجد أنها تتعلم منهم وبالتالي يزيد شغفها لتحقيق أحلامها ..
   
    الأمومة ليست إنكاراً للذات كما تظن بعض الأمهات وإنما هي رمز للأنوثة وفرصة مميزة للبدء بحياة جديدة تخطها هذه الأم بيدها ، فتبدأ مع طفلها الأول بقوانين جديدة تفرضها على نفسها وزوجها قبل طفلها ، فتجدهم مثلاً يلتزمون بموعد ثابت لتناول الطعام لتربية طفلهم على احترام المواعيد بعد ما كانوا يأكلون في أي وقت وفي أي مكان .. فتكون هذه التربية للثلاثة معاً : الأم والأب والطفل ..

    كما أنها فرصة جديدة لهذه الأم التي تطمح بأن تكون مثالية في تربية أطفالها فتقوم بقراءة الكتب والمقالات التي تتحدث عن التربية الصحيحة وتتعرف على أمهات سبقوها بالتجربة وتستمع إلى نصائحهن القيمة مما يطورها ثقافياً واجتماعياً

    إذاً أصبح لدينا تطور اجتماعي وثقافي وتربوي .. وهذه الجوانب الثلاثة متى تغيرت فهي كفيلة بتغيير الأم تغييراً جذرياً نحو الأفضل .. أليس هذا أفضل من إهمالها لذاتها؟؟

    للأسف هناك أفكاراً غريبة سائدة تقول أن المرأة يجب أن تنسى ذاتها وتوقف طموحاتها عند أول طفل تنجبه وأن تكرس حياتها من أجله فقط ... سؤال : ماذا تفعل هذه الأم عندما يكبر أطفالها ويذهبون للمدرسة فالجامعة وبعدها عندما يتزوجون؟
- حتى لو حاولت بعد زواجهم سيكون بينها وبين المجتمع فجوة كبيرة لا تستطيع تجاوزها -

الجواب : سيكون لديها فراغ قاتل في ساعات الصباح وأحياناً المساء لسنوات طويلة دون استغلال حيث تقوم بقتل وقت فراغها بين فنجان القهوة مع جاراتها مع بعض القيل والقال .. أو الجلوس على الهاتف تأكل لحم هذه وتلك .. أو تنتظر طول اليوم عودة زوجها فإن تأخر لحظة ؛ أين كنت .. وان كان متعباً ؛ أنت مشغول عني .. وإن أراد النوم ؛ لقد مللت طول اليوم بين أربع حيطان
وفي مراحل متقدمة من العمر يكون التفرغ للمشاحنات مع زوجة الابن او زوج الابنة والتحليل السياسي لكل نساء الحارة والعائلة .. 










    طبعاً ليس شرطاً هنا أن تكون المرأة عاملة بل ما نريده أن يكون لديها طموح وشيء مفيد وهادف تقوم به وتقدمه للمجتمع ، فقد تشغل وقتها بحفظ القرآن في وقت فراغها .. أو الاشتراك في حلقات دينية في مسجد قريب من بيتها فتستفيد وتفيد غيرها من بنات جنسها في العلوم الدينية والدنيوية أو تشارك في جمعيات خيرية أو منتديات ثقافية وتربوية .. فهناك الكثير من الأمور التي قد تشغل الأم نفسها بها دون أن تعمل خارج البيت حتى لا تترك أطفالها - إن كانت هذه حجتها -

    الأم ليست آلة للغسيل والطهي وترتيب المنزل ؛ بل هي إنسانة لها كيان وشخصية مستقلة .. لو صقلتها جيداً ستخرج لنا بنواة صالحة لتغيير جزء من هذا المجتمع وهذا الجزء بدوره يقوم بإكمال المهمة مع باقي المجتمع لنخرج بمجتمع مميز صالح مليء بالقيم الإسلامية والأسس الصحيحة لتحقيق نهضة قريبة 

الأم لو أتقنت وظيفتها ستصنع المعجزات فهي نصف المجتمع وتربي النصف الآخر 
وهي التي تحدد هل سيكون هذا النصف مؤثراً أم لا ...

ماذا لو نظرت هذه الأم إلى طفلها على أنه فرصة للبدء معاً من جديد؟ -هنا سأتكلم عن الموضوع بتعمق أكبر-

حينها ستبدأ حياتها منذ ولادته فتنسى إخفاقاتها وتجاربها السلبية وآلامها - فحضور الطفل إلى هذه الدنيا يحمل مشاعر إيجابية كافية لمحو كل ما سبق تأكدوا تماماً من ذلك - وتبدأ برسم أحلام وشخصية جديدة تماماً مثل شخصية طفلها وتقوم بزرع كل القيم والمبادئ الايجابية - التي تربي طفلها عليها - بداخلها أولاً ثم بداخل طفلها .. كيف؟؟
أي أن تعامل نفسها كأنها طفل لها تبدأ معه من جديد .. هذا تماماً ما أصابني عندما أنجبت فكنت كلما أقرأ شيئاً عن تربية طفلتي وأقرر البدء فيه أشعر أنني من داخلي أتغير أيضاً .. 

تخيلي مثلاً أنك تريدين تربية طفلك على الصدق.. هل يمكنك ذلك وأنت تكذبين؟
طبعاً لا .. ستبدئين بتربية نفسك على الصدق أولاً ثم تطبقي ذلك على طفلك
ونفس الشيء بالنسبة للصلاة والإبداع والنجاح والنفسية السوية وباقي المبادئ والقيم الإيجابية ..

إلى أمهات المستقبل ... رسالة

    لن أخاطب أمهات الماضي لأنه يفصلنا جيل وثقافات وأساساً لن يصلهن كلامي ..
وإنما أخاطبكن أنتن يا أمهات المستقبل .. لا تجعلن أحداً يخيفكن من فكرة الزواج والانجاب على أساس أنها تخنق طموحاتكن وإبداعاتكن ..
ولكن فلنكن نحن نواة المجتمع الذي نريد ..
فلنربي أطفالنا على حرية الرأي والثقافة وفهم السياسة والقراءة والإبداع ..
فلنتوقف عن نقدهم ومقارنتهم بغيرهم وقول كلمة "لا" بمناسبة أو بغير مناسبة ..

    لنأخذ الأمومة مهمة قومية نحملها على أكتافنا .. ولو أن كل واحدة منا نظرت إلى أطفالها نظرة إيجابية بأنهم هم حلم المستقبل وتربيهم ليحرروا ويصلحوا هذا الوطن ويعمروا هذه الأرض ويكونوا أطفالاً غير عاديين ..

حينها فقط نستحق هذا اللقب العظيم 

" الأمومة "
نداء رفيق 
3-11-2011


السبت، 13 أغسطس 2011

" رقعة شطرنج "

جلست يوماً أنا وزوجي نلعب لعبة الشطرنج .. وهي لعبة غنية عن التعريف يعرف معظمنا قوانينها وكيفية لعبها ..

كنا نلعب بشكل اعتيادي ونحرك الحجارة من خانة إلى أخرى .. وفجأة نسيت اللعبة واختفى من أمامي كل شيء إلا رقعة الشطرنج ..





فما أشبهها بهذه الحياة التي نعيشها !!!


فحياتنا عبارة عن خطوات نمشيها لنصل إلى نهاية هذه الحياة إما بنجاح أو بشيء آخر ..  خطواتها كثيرة .. منها ما هو خير .. ومنها ما هو شر .. وهو ما يعبر عنه عادة باللونين الأبيض والأسود ..

البشر في هذه الحياة أكثر من صنف .. لفتني أنهم متشابهون إلى حد ما مع حجار لعبة الشطرنج ..


*** فالجندي : هو ما يمثل في حياتنا ذلك الشخص البسيط الذي يمشي في كل مرة خطوة للأمام يحاول أن يصل لما يريد .. يمشي بخط مستقيم بلا التواء أو لف ودوران .. إنه شخص بسيط مستقيم يشق طريقه بجهد ليصل إلى هدفه ورغم كثرة عددهم في الحياة إلا أن القليل القليل منهم يصلون إلى أهدافهم بعد جهد وعناء وتخطيط كبير .. ليصل إلى مكانة مميزة في المجتمع يختارها هو ..


*** أما القلعة : تذكرني بأولئك الناس الثابتين .. فحركتها محدودة .. لا تنظر إلا أمامها ولا تستطيع تطوير نفسها مهما فعلت ومهما تحركت في هذه الرقعة .. هذا النوع من الناس وكما اسمه يبني قلعة منيعة حوله فلا هو يستقبل شيء من العالم الخارجي ولا هو يقدم شيئاً مفيداً له ..
هذا الحجر غالباً ما أرتاح حين يسقط من اللاعب الآخر ..


*** ثم هناك حجر الحصان : وهو الحجر المفضل لدي على الإطلاق .. ففي حركت تميز وفن لا مثيل له من الأحجار الأخرى ..
فتجد الشخص شبيه هذا الحجر يتحرك بطريقة منظمة ومميزة تجعله يصل إلى أدق الأماكن التي لا يصلها حجر غيره على الرقعة .. والملفت للنظر أنه يضع لنفسه حدوداً على حركته فهو رغم تنقله الدائم إلا أنه يتحرك بطريقة محدودة حتى لا يتعدى على حقوق غيره من الأحجار ..


*** أما الفيل : فهو يشعرني غالباً بالثقل عند تحريكه فهو يتحرك بطريقة الزاوية المحدودة وهو يذكرني في حركته " بالقلعة " التي ذكرناها ولكنه يختلف عنها في أنه يبقى على لون واحد فلو كان على الأسود - الشر- يبقى عليه إلى أن يموت .. وهذا يمثل الشخص العنيد الذي يتشدد على موقف ما ويرفض تغييره حتى لو كان خطأ .. فتجده متمسكاً بقناعات وأفكار سلبية مدمرة ولا يستطيع أن يأخذ قراراً بتغيير لونه - مجرى حياته - حتى لو كلفه ذلك حياته ..


*** أما حجري المفضل الثاني فهو " الوزير " : يعجبني في هذا الحجر ثقته بنفسه فهو يتنقل كيف يشاء وقتما يشاء دون أن يعترض طريقه أي شيء .. غالباً يعتبر هذا الحجر الأقوى في الرقعة ويخسر اللاعب الكثير بخسارته ويبذل قصارى جهده لتعويضه في أحد الجنود ..
هذا الحجر يذكرني بالشخص الذي يرسم حلماً وهدفاً لحياته ويمضي باتجاهه بكل ثقة وحزم ويغير مساره مراراً وتكراراً حتى يصل
إلى الطريق الصحيح والمنهج الذي يريد الالتحاق به ..
هذا النوع من الناس نادر جداً لهذا في كل رقعة شطرج لا تجد منه إلا واحداً في كل فريق ..


*** أما آخر الحجارة وأسوءها في رأيي هو " الملك " :
لا لست أمزح .. فرغم أن الجميع يقاتل ويدفع حياته لحماية هذا الحجر .. إلا أنه غير ذي قيمة بالنسبة لي .. فهو لا يستطيع حماية نفسه ويطلب الحماية دائماً من الآخرين حتى لو كان من ضمن الآخرين أضعف الأحجار على هذه الرقعة " الجندي "
فلم نسميه ملكاً وهو الأضعف على الرقعة ؟
هناك الكثير ممن يعيشون مثله فيضعون أنفسهم وأولادهم في بوتقة محكمة ليحموا أنفسهم وأولادهم من الحياة وضرباتها .. ويوظفون
الكثير من الناس لحمايتهم دون أن يدركوا أن الموت محيط بالجميع وأنهم مهما فعلوا فلن يحموا أنفسهم من صدمات الحياة ما لم يهيؤوا أنفسهم ويستعينوا بالله تعالى ..


ترى ..

أي الأحجار أنت ؟؟؟

وأيها تتمنى أن تكون ؟؟؟

الأحد، 24 يوليو 2011

" طالب التوجيهي .. إنسان ؟ أم كائن آخر؟؟!! "

ناجح توجيهي؟؟ مبروووك وكل التحية والحب والاحترام ..

راسب توجيهي ؟؟ اذاً غضب العالم كله ونكد الدنيا والذل لآخر يوم بعمرك .. وبشرط ما في شي بالدنيا ممكن ينسي العالم انه رسبت توجيهي ...

يعني بجد لسة في عنا عقول هيييييك؟؟
عندي مليون مثال على ناس رسبوا توجيهي ومدرسة كمان وكانوا من انجح الناس ووضعوا بصماتهم على صفحات التاريخ ...
وبالمقابل مليونين مثال على ناس نجحوا وبمعدلات عالية وكان تأثيرهم "صفر" على مجتمعاتهم !!


انا ما بدافع عن المقصرين بالدراسة .. رغم انه المناهج لا تدعو أصلاً للرغبة في الدراسة .. ولكن هذا ليس موضوعنا الآن ..
وإنما أدافع عن كيان فرد يتم تحطيمه لمجرد اسم ورقم لم يكتب في جريدة ..

منذ متى كانت الأرقام تقول قيمتنا وتعبر عن ذاتنا وعقولنا ؟؟ !!

منذ متى يتحول الإنسان بكل كرامته وعزته الذين كرمه الله بهما إلى كائن آخر بلا كرامة مثير للشفقة؟؟ !!

منذ متى يصبح يوم نتائج الثانوية يوماً قومياً يحدد فيه مصائر العباد ؟!!

في حين ان الله عز وجل في كل ثانية أعطانا فرصة للتوبة والعودة إليه عند الخطأ .. لا نجد هذه الفرصة طيلة حياتنا لنصحح رسوبنا في التوجيهي ..

فهل أصبح التوجيهي خطأ لا يغتفر وأكبر من الخطأ في حق الله عز وجل ؟؟!!!
أعتقد أن الاجابة واضحة في ذلك ولا تحتاج الى اثنين لمعرفتها ..

لماذا هذه الحالة من الطوارئ في البيت الذي يكون فيه " طالب توجيهي " ؟؟
فيفرض نوع من الحروب النفسية بحيث توضع المتاريس والحواجز أمام الأقارب والزوار ...

ويتم فرض نظام حظر التجول على هذا الكائن الغريب " التوجيهي " ويصبح عامه الدراسي هو عام غضب وملل وتضييع وقت ويتمنى أن ينتهي هذا العام بأي نتيجة مهما كانت .. وحتى لو أراد النجاح غالباً ما يكون لإرضاء أهله وإسعادهم وحتى " يرفع راسهم بين الأهل والأقارب " ...

طبعاً لا أعمم بكلامي هذا على جميع الطلاب فهناك طلاب يرغبون بالنجاح والتفوق من تلقاء نفسهم وذلك لأنهم رسموا طريقاً وخطة ثابتة ليسيروا عليها دون النظر إلى آراء الناس وأفكارهم ونظرتهم إلى التوجيهي .. وإنما يعتبروا هذا العام مجرد مرحلة ومقدمر لحياتهم العلمية والعملية القادمة ...

وهو أيضاً ليس مبرراً لكل من قصر .. وليس تشجيعاً للطلاب على الرسوب .. ولكنني أرفض وبشدة أن يتم تقييم الإنسان وتقدير عقله وذكائه بمجرد أرقام .. لا معنى لها ...

الخميس، 21 يوليو 2011

عدوى العمل ... والنجاح

عدوى العمل ... والنجاح

دائماً كنت أتساءل : لماذا في بعض الأحيان أقوم بكل الأعمال التي علي بكل سهولة ونشاط وأعملها على أكمل وجه؟!
وفي أحيانٍ أخرى لا أقوم بأي عمل على الإطلاق .. حتى أبسط الأعمال التي لا تحتاج إلى أي مجهود ..
ومع تكرار هذه الحالة سواء معي أو مع غيري وجدت نفسي أقوم بدراسة الموضوع وأقارن بين الحالتين ..

فوجدت ما أسميته " عدوى العمل " و " عدوى الكسل "

أما عدوى العمل فهي أنه حين تقوم بنشاط معين فإن النشاط العام للجسم والعقل يرتفع ويكون جاهزاً لأي نشاط آخر .. وهكذا تستطيع القيام بعدة نشاطات في نفس اليوم ويكون الجسم بقوته الكاملة ..

وهذا ما يحصل معي حين أكون مرتبطة بعدة أعمال .. ففي يوم العمل العادي أجد عندي النشاط الكافي للتسجيل في دورة تدريبية بعد انتهاء دوامي وبعدها زيارة عائلة أو اجتماعية وأسرق بعض الدقائق لقراءة كتاب أو مدونة لإحدى صديقاتي .. وبعض الدقائق الأخرى للتفكير والتخطيط لحياتي ..

على عكس يوم العطلة الذي بالكاد يكفيني للنوم والراحة والترفيه عن نفسي ...
والمضحك في الموضوع أنني قبل أن ألتزم بهذا العمل جلست شهوراً طويلة لا أعمل ولا أدرس ولم ألتحق بأي دورة تدريبية .. وهذا ما يجعلني الآن أرفض أن أسمع من أي شخص : "سألتحق بالدورة في اجازتي .. او عندما اترك العمل اتفرغ لهذه الاشياء الثانوية "

لأنه وطبقاً لنظرية " عدوى الكسل " فإنه بمجرد أن يترك العمل سيدخل في حالة خمول وكسل ولن يقوم بعمل اي شيء يقول عنه طالما لم يكن لديه خطة لاستغلال هذه الإجازة بطريقة صحيحة ..

ما كتبته ليس إلا كلمة أوجهها لكل شخص يؤجل أي نشاط بحجة أنه غير متفرغ لأنه وبصدق عندما يتفرغ لن يقوم بهذا النشاط - والنماذج كثيرة - وذلك لأن النفسية غالباً تكون غير مهيئة لعمل نشاطات خارجية لأنه ليس بين يدي هذا الشخص عملاً يدر عليه دخلاً  .. فتجد الشخص يتخرج من الجامعة ولا يجد عملاً في البداية غالباً وحين تقول له شارك في دورات او احصل على تدريب لتطوير فرصتك في التوظيف تجده يستنكر ويجيب : "أعمل ببلاااااااااش؟؟؟؟!!!!! أنا أحتاج لأي مبلغ لأعيش ولن أضيع وقتي بالتدريب والدورات التي أعتبرها " حكي فاضي " " ..
وأضحك كثيراً حين أجد أنه بعد شهر من هذا النقاش ما زال كما هو دون أي تطوير لذاته وقدراته  ودون عمل ودون دخل والتغيير الوحيد هو

" نفسية أسوأ "

وكأنه ينتظر أن تكون بدايته مدير شركة .. أو مدير بنك .. أو دكتور جامعي
لذلك نصيحتي للجميع ... سارعوا للعمل .. فإن لم تجد ما تريد .. فاعمل ما تجد حتى تصل إلى مرحلة تستطيع أن تختار فيها العمل الذي تحب وتريد ..

هذه التدوينة هي حصيلة سنوات قليلة جداً من خبرتي في الحياة مما حصل معي ومع غيري ..
وكم أتمنى من الجيل القادم أن ينتبه إليها ولا يتكبر على أي فرصة .. مهما كانت بسيطة .. وحتى لو كانت مجانية !!!!

الخميس، 7 أبريل 2011

" أنا أم " ... خاطرة





" أنا أم "


ياااه ما أصعب هذه الكلمة !! وما أحلاها !! وما أنقاها !!


للأمانة .. هي أجمل وأروع شعور قد يمر في حياة أي فتاة .. فطبيعة الفتاة العاطفية تجعل للأمومة طابع مميز ومشوب بالحب والاحساس


عندما كتب الله لي الحمل ( والحمد لله ) .. شعرت بمشاعر غريبة ومتناقضة تنتابني ... سبحان الله !! كائن حي داخل كائن حي آخر !!!
لا توجد كلمات تصف هذا الشعور الرائع .. " أنا أم "


ولكن .. ولأن الله سبحانه وتعالى وعدنا بأن الراحة والسعادة لا تكونان إلا في جنات النعيم - نسأل الله أن نكون ممن يدخلوها بسلام - فإن هذا الشعور الرائع يتخلله بعض التعب والألم وكثيييير من التضحيات .. فمنذ اللحظة الأولى التي يبشرك طبيبك أنك حامل .. يبدأ مشوار لا ينتهي من الجهد والتعب والمسؤولية الحقيقية .. وأي مسؤولية !!! فأنت مسؤولة عن طفل .. بجسده ومشاعره وأحاسيسه ونفسيته ..
أنت من تعلمينه القراءة ، الكتابة ، تعاليم الاسلام ، القرآن ، الحب والصدق ...
أنت من تكونين شخصيته فإما يكون واثقاً أو مهزوزاً ، قوياً أو ضعيفاً ...


إنها أمانة صعبة جداً .. ولأكون صريحة .. فإنها أصعب تجربة مررت بها في حياتي .. صحيح أنني ما زلت في مرحلة الاستعداد لولادة هذا الطفل .. إلا أنني منذ الآن أفكر كل يوم بأن هناك روح أخرى داخلي وكيف سأربيه بشكل صحيح ليخرج سوياً ويكون مميزاً في هذا العالم ..

غالباً ما أرفض مشاهدة أفلام العنف من أجل أن أحافظ على مشاعره ..
أراعي كل ما أنظر إليه .. كل ما أسمع .. حتى كل ما آكل لأنني أعلم أنني لست وحدي ..


سبحانك يا رب !! مع كل ما كتبت من خوف من هذه الأمانة إلا أنني والحق يقال أشعر داخلي بطاقة جبارة من الحب والحنان لهذا الكائن الصغير الذي أحمله في أحشائي .. لا زلت أذكر أجمل لحظة مرت علي منذ حملي .. حين سمعت نبض جنيني الحبيب لأول مرة ......
إنه حبيبي أنا .. وطفلي أنا .. ملكي أنا ... ليس ابن او ابنة أخي .. فمهما أحببتهم فالابن محبته تختلف .. إنه لي أنا !!


حاولت أن أكتب لأعبر عن مشاعري كأم مستقبلية .. ولكن كل ما كتبت لا يوازي 1% مما أشعر به .. فقد خانني قلمي هذه المرة ..


ادعوا معي أن يكون لهذا الطفل شأن في جيل النهضة القادم .. وأن يكون فارساً من فرسان هذا الزمان .. ذكراً كان أم أنثى !!


وأسأل الله عز وجل أن يرزق هذه النعمة لكل من يتمناها وأن يقدرنا على حفظ هذه الأمانة .. اللهم آمين


دعواتكم لي
أختكم في الله
نداء رفيق
في 7/4/2011

السبت، 5 فبراير 2011

رحلتي .. خواطر



رِحلتي ...

رحلوا .. نعم رحلوا
بعد أن أعطيتهم عمري رحلوا
عشرين عاماً قضيتها بينهم
ثم رحلوا ...
لكن مع ذلك رأيت دموع الحزن تملأ عيونهم وكأنها تقول عذراً الزمن هو من فرقني عنهم
ناديتهم ورجوتهم أن يعودوا ولا يتركوني
ولكني وجدت في عيونهم معنى الرفض
ما بهم كيف ينسوا محبتي لهم وكأن قلوبهم قد ماتت


لحظة !!!!!

قلوبهم ماتت؟؟؟

لكني أرى أبي يواسي اخوتي
وخالتي تواسي أمي
وأقاربي يبكون وبعضهم يتهامسون
إذاً هم لم يرحلوا
لم يموتوا ..
إذا كان كلهم يشعر ببعضهم إلا أنا
لا أحد يشعر بي ...إذاً ليسوا هم من ماتت قلوبهم

إنها أنا
إنه قلبي من مااااات إنني أنا من مت ..
يا إلهي كيف لم أشعر بهذه الحقيقة من قبل ؟؟
ها أنا أسمع صوت أقدامهم وهم يذهبون
بعد ان وضعوني في منزلي الجديد
غرفة صغيرة طولها مترين وعرضها متراً
يلفني غطاء أبيض لا يقيني حر الصيف ولا برد الشتاء
أين أهلي؟؟ أين احبابي؟؟ أين من كانوا يلهونني عن دنيتي؟؟


إنني أسمع صوتاً بعيداً ...إنني لا أستطيع أن أسمعه جيداً فصوت الاغاني والغيبة والنميمة ما زالت ترن في أذني
أصغيت أكثر فأكثر فإذا بي أسمع صوتاً لطالما تجاهلته
وأحياناً كنت أرد عليه ولكن متأخرة
مثلي مثل الكثير من غيري
إنه صوت "الله أكبر"
إنه آذان الفجر .. أستطيع الان سماعه جيداً
فالهدوء الذي يعم العالم جعلني أسمعه بشكل أفضل
الان يجب أن أقوم لألبي نداء الاذان بعد أن تجاهلته كثيراً في حياتي
الان فهمت معنى "
رب ارجعون لأعمل عملاً صالحاً"وحينها سيقال لي :"فذوقوا العذاب بما كنتم تعملون"
اااااااااه على ما ضيعت من أيام وثواب ..سأقوم الان لعلي أعوض جزءاً من تقصيري
يا إلهي إنني لا استطيع الحراك
فالكفن الأبيض الذي يحيط بي يمنعني من القيام ..حاولت ان أصلي بفكري .. بعيوني .. بقلبي إلا أن خوفي من عذابي وعقابي منعني من القدرة على التركيز
ماذا سأقول لربي؟؟؟ ماذا أقول لمنكر ونكير حين يقولون لي
"من ربك؟" "من نبيك؟" "ما دينك؟"

هل سأذكر ماذا أقول؟؟ أم سأنسى كما نسيت في دنياي

* * *

"اللهم ثبتنا عند السؤال"
" من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة "
هذا ليس واحداً من أحلامي .. وليست قصة تتناقلها المنتديات ..أو وصلتني بالايميل ..هي فكرة خطرت في بالي ليلة قبل أن أنام أحببت أن تشاركوني بها
فهي دعوة للحساب لنا جميعاً

الاثنين، 31 يناير 2011

"حملة كرتون هادف لأطفالنا " .. من ذاكرتي .. الجزء الثاني



" حملة كرتون هادف لأطفالنا "


بدأت القصة حين كنت طفلة صغيرة أشاهد برامج الأطفال وأفلام الكرتون على القناة الوحيدة التي كانت موجودة عندنا في ذلك الوقت " الأردن " ...



كنت وقتها أبحث عن فيلم كرتون عربي كامل ويكون له مثل جودة أفلام الكرتون في الغرب ولكن للأسف لم أكن أجده .. كم تمنيت أن اجد فيلماً واحداً يتحلى أبطاله بالأخلاق الإسلامية ويكون هدفه تحسين صورة الإسلام وتجميله لأطفالنا الصغار الذين أصبح معنى الإسلام بالنسبة لهم مجرد شخص له ذقن طويلة يلقبونه بـِ "الشيخ" يقرأ القرآن أويلقي محاضرة ، وكأن الدين له أشخاص معينين ووقت محدد فقط.



وأصبحت متابعة أطفالنا للتلفاز تتزايد يوماً بعد يوم خاصة مع القنوات الفضائية التي تتعدى مئات القنوات، وللأسف فإن كل هذه الأفلام التي يحضرونها تشجع على العنف والإيذاء والخيال العلمي الذي لا معنى له وتضيع الوقت دون أي فائدة بل وبعضها يحمل بعض الإيحاءات الجنسية بطريقة غير مباشرة تُزرع داخل أطفالنا بطريقة مرعبة.



وحين كبرت ووعيت لهذه المأساة قررت أن أبدأ أنا حملة " كرتون هادف لأطفالنا " بما أن لا أحد بدأ بها وتبناها ، وبدأت بحمد الله بدورة لإنتاج أفلام الكرتون وأحلم بأن أنتج بعد وقت قصير أفلام كرتون بسيطة قصيرة تعلم الأطفال كيفية الوضوء والصلاة وباقي الأركان والفرائض ، وبعض الأخلاق الإسلامية مثل الأمانة والصدق والاحترام وغيرها ، حتى يتم تعزيزها لأطفالنا بطريقة لطيفة وبسيطة.


إنني أراه قريباً جداً بإذن الله وها هو يتمثل أمامي يوماً بعد يوم


تطبيقاتي الأولى على البرنامج










فالحمد لله على إيجاد الطريق
الحمد لله عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته

الخميس، 27 يناير 2011

من ذاكرتي .. القصة الأولى

من ذاكرتي .. القصة الأولى


لقراءة الموضوع الرئيسي .. من هنا


ما أجملها عندما فتحت عينيها الصغيرتين وبكت لتعلن خروجها إلى هذه الدنيا !! إنها أول طفلة أحبها كل هذا الحب منذ رأيتها .. ولكن هناك شيء ما جذبني لها بشدة .. نظراتها .. فهي منذ ولادتها وهي تتأمل في كل ما حولها وتنظر إلى الألوان وتحاول التمييز بينها ..
وكلما كبرت يوماً زاد شغفها بالتعرف إلى هذه الحياة .. فتارة تمسك اصبعي وتضعه في فمها لتتعرف عليه .. وتارة أخرى تمسك سلسلة ألبسها في رقبتي وتشدها بقوة .. ومع كل هذا لم أحاول يوماً أن أمنعها من ذلك كنت أكثر شوقاً منها لأعرف كيف تفكر .. وكذلك كانت أمها .. بل على العكس كنا نخبرها دائماً بماهية الشيء الذي تمسكه ..
أما آخر تجاربي معها فكانت قريباً حين كنت أطعمها ..  وإذا بها تنظر إلى الساعة بطريقة غريبة وعندما لاحظت تعلق عينيها بالساعة أخبرتها بأن هذه الساعة هي التي تخبرنا بالوقت والزمن اللذان يتحددان بالشمس والقمر وأخبرتها ما هي الساعة واليوم والاسبوع والشهر والسنة وما يحوي كل منهم .
وعندما انتهيت فوجئت بها تبتسم وتصدر أصواتاً مضحكة وكأنها تقول لي فهمت كل ذلك يا عمتي .. رغم أنه لم يمض على ولادتها إلا ستة أشهر لكنني أكاد أجزم أنها تفهم كل ما أقول لها .. فنظرتها فيها شيء ينم عن ذكاء يستطيع أي منكم ملاحظته ..
لا أدري ما الذي شجعني بعد ذلك إلى إكمال الشرح لها .. ربما هي ضحكتها المميزة أو نظرتها المتشوقة للمعرفة .. لا يهم ما السبب .. المهم أنني وجدت نفسي أغني لها الأحرف العربية والانجليزية عشرات المرات دون ملل وأنا أشعر بسعادة غامرة تعتريني كلما أنهيت سلسلة الأحرف لأجدها تنظر لي بسعادة واستمتاع .. كنت أتمنى لو أرى المستقبل لأعرف هل ستحفظهم بسرعة وهي في المدرسة أم لا ؟ تفكير مضحك أليس كذلك؟
أعتقد أنه سيكون لها شأن بالغ ذات يوم فنظرة الأمل والذكاء تشع من عينيها دائماً .. 


بسم الله ما شاء الله
أحبكِ .. صغيرتي 

علاقة الغذاء بالابداع

ارتفاع معدلات ذكاء الأطفال يقلل من الشهية

في دراسة بريطانية حديثة .. تم اكتشاف التالي :

كلما ارتفعت معدلات الذكاء لدى الطفل خلال مرحلة الطفولة تراجعت شهيته وإقباله على تناول اللحوم مع مرحلة النضج
وذكر الباحثون البريطانيون أن مستوى ذكاء الطفل في مرحلة الطفولة يعد مؤشراً لإمكانية تحول الطفل في مرحلة البلوغ نحو أن يصبح نباتياً وهو ما يخفض مخاطر الاصابة بأمراض القلب ويرى الباحثون أن هذه الحقائق الجديدة قد تعطي تفسيراً للعلاقة بين الذكاء وتمتع هؤلاء الأشخاص بصحة جيدة ، كانت الأبحاث العلمية السابقة قد أشارت إلى تمتع النباتيين بمعدلات كوليسترول منخفضة مع تراجع احتمالات اصابتهم بالبدانة وأمراض القلب وأشارت 4.5 % من المشاركين في الدراسة ممن تمتعوا بمعدلات ذكاء عالية في مرحلة الطفولة أصبحوا نباتيين .

المصدر : جريدة الوفد : 15-6-2007م

الثلاثاء، 25 يناير 2011

الإبداع قبل الولادة .. الجزء الثاني


لقراءة الجزء الأول .. من هنا


من خلال الجزء الأول يظهر لدينا سبب لقتل أحلامنا وإبداعاتنا بشكل خفي ومن أحب الناس إلينا .
ولكن المثال الذي ذكرته يتكلم عن مرحلة الشباب والتي قد نجد فئة لا بأس بها واعية لهذا الكلام وطبقته فعلاً على نفسها ..
ولكن فلنعد قليلاً إلى الوراء .. ليس قليلاً بل كثيراً .. كل منا حسب عمره ، فمنا من سيعود ثلاثين عاماً ومنا من سيعود عشرين عاماً ومنا من سيعود لعشرة أعوام فقط ، ربما أكثر وربما أقل ولكن أريدك أن تعود إلى قبل وجودك في هذه الدنيا ، أراك تبتسم وربما تضحك ولكن صدقني كل هذا في ذاكرتك حتى وان كنت لا تعلم ، فعدم إدراكك للشيء لا ينفيه ، أنت الآن داخل رحم أمك لا تعلم أحداً في هذه الدنيا إلا هي .. هل تصدق أنك طوال هذه المدة التي قضيتها داخل هذه الغرفة المائية الصغيرة والتي كانت عالمك كله تسمع كل شيء عن العالم الخارجي والذي لم تنتمي له بعد؟؟

حضرني في هذه اللحظة قصة قصيرة قالها أحد الشيوخ عندما ذهبت إليه امرأة حامل وقالت له : أريد أن أحفظ ابني القرآن ..
قال لها : في أي شهر أنتِ؟
قالت : في الشهر السادس
فقال لها : لقد تأخرت كثيراً  (القصة مقتبسة من أحد المواقع)


هل لاحظت أن هناك أطفالاً يحفظون القرآن بسرعة أكثر من غيرهم ؟ بعيداً عن مستوى الذكاء والقدرات العقلية ، ولكن ثبت علمياً أن الطفل الذي يستمع إلى القرآن وهو في رحم أمه يكون مهيئاً للحفظ أكثر من غيره بعد ولادته.
هل علمت الآن لماذا عدت إلى هذه الفترة من حياتك؟


لماذا يولد طفل اجتماعي وآخر منطو وهذا ثرثار وذاك كئيب؟؟


هو نفس السبب فقد قرأت في دراسة علمية أن المرأة الثرثارة تنجب أطفالاً أذكياءاً حيث أنهم يملكون كماً من الكلمات والالفاظ في عمر 20 شهراً أكثر من أطفال الامهات الهادئات بحوالي 131 كلمة

للإطلاع على باقي التفاصيل .. هنا

حينها تدرك أيضاً أن الطفل الذي حملت به أمه وهي لا ترغب به سيخرج للعالم وهو كئيب لأنه لم يسمع كلمات الحب التي كان ينتظرها من أمه أثناء وجوده في مملكته الخاصة ، بل على العكس كان يسمع عبارات التأنيب والتحقير .. فهو على حسب اعتقاد أمه كان عائقاً في طريقها وكبل حريتها وتصرفاتها
كل هذه الأمثلة تقودنا إلى اتجاه واحد وهو أن الإبداع يمكن زيادته أو تقليله في الطفل حتى قبل دخوله إلى هذا العالم .. وهذه فرصة مميزة جداً لنا لننجب جيلاً مبدعاً ونحمي أطفالنا من بعض السلبيات التي تعاني منها مجتمعاتنا حالياً  ....

إلى هنا .. انتهى الجزء الثاني

الثلاثاء، 11 يناير 2011

الإبداع قبل الولادة .. الجزء الأول


هذا الجزء الأول من عدة مقالات حول الإبداع من كتابتي الخاصة وأتمنى أن يعجبكم ..


" في حياتنا مررنا بالكثير من التجارب في الحياة من يوم ولادتنا الأول حتى يومنا الحالي ، وهذه التجارب والأحداث مخزنة كلها في عقلنا الباطن سواء ذكرنا هذا أم لم نذكره ، ولكن الفرق يكمن في أن هناك تجربة نذكرها بكل تفاصيلها وأخرى لا نذكرها أبداً حيث أنها مخزنة في أعماق عقلنا اللاواعي والذي يعمل جاهداً خلف الكواليس ليحمينا من تكرار مثل هذه التجربة لو كانت مؤلمة ولتكرارها لو كانت العكس.

الإبداع في حياتنا مبني على هذه التجارب فإما تقويه أو تضعفه أو حتى تقتله، هل تذكر أنك في يوم من الأيام كتبت خاطرة بسيطة أو قصة قصيرة وعندما قرأها شخص آخر
قريب منك وسخر من كتابتك قمت برميها ولم تحاول تكرار التجربة؟ فبالرغم من أن هذه التجربة كانت أول درجة تصعدها في طريقك إلى الابداع الأدبي إلا أن مجرد كلمة في
غير محلها وانتقاد لاذع دمر كل هذا الابداع وحرمك من تكرار تجربة ربما كانت ستعطيك نوعاً من السعادة وتجعل منك انساناً آخر .
والغريب في الموضوع أن الشخص الذي قتل إبداعك هو أقرب الناس إليك لأن الانسان عادة لا يترك خواطره خاصة الأولى منها إلا بيد انسان يأتمنه ويثق به.

هذا مثال بسيط لقتل الابداع داخلنا ولكنه مثال بسيط ليس هو أساس موضوعي .. إن الإبداع الذي أقصده هو أعمق وأهم من ذلك .. ماذا أعني؟!!
حسناً عزيزي القارئ ، اذكر آخر مرة درست فيها لامتحان مدرسي أو جامعي أو حتى امتحان للقبول فكيف ندرس؟ في البداية نمسك الكتاب ونقرأ المادة لنتعرف عليها ثم نبدأ
بالحفظ عن ظهر قلب وهلم جرا ، وللأسف فإن نسبة كبيرة من هذه الفئة تنسى المادة كلياً بعد فترة وجيزة ، وهذه حقيقة واقعة وإن كنت لم تقرأ عنها فمن المؤكد أنك جربتها،
وحين أفكر بهذه الحقيقة أو أسمع بعض الأهالي وهم يتألمون منها أشعر بالألم وبسؤال يجتاح كياني ويتجمد على لساني فلا أستطيع النطق به، أريد أن أصرخ لأقول لهؤلاء الآباء :
ألستم من أوصل أبناءنا لهذه المرحلة؟
أريد أن أسأل المعلمين مربيي الأجيال : ألستم من قتلتم الإبداع في طلابنا بإجبارهم على الحفظ الحرفي للكتاب دون الفهم؟ فلم تلومونهم بعد ذلك على نسيانهم لمادة العام السابق؟

    لن أظلم الجميع بكلامي هذا فهناك أمثلة تستحق الوقوف أمامها احتراماً وتقديراً على زيادة الإبداع في أبنائهم ، فها هي تلك الفتاة التي زرع فيها أهلها روح التفوق والإبداع
فكانت الكلمات الإيجابية غذاءها وروح التحدي والتنافس شرابها كيف لا وخلفها أبوان غرسوا فيها الإبداع وهيؤوا لها كل سبل الراحة لتحقق أحلامها فحصدوا نجاحاً وتفوقاً لم
يحلموا به.

أين لنا أن نجد آباءاً يعرفون أحلام أبنائهم؟؟ فمن عنده هواية الرسم قالوا له هذه مهنة لا تطعم في بلادنا !! ومن تفوق في الثانوية العامة وجب عليه دراسة الطب دون نزاع،
وزرعوا في نفوسنا أن هذه المهنة هي أفضل مهنة على الإطلاق وأن الحصول على لقب "دكتور" حتى ولو كان بلا عمل أفضل من الحصول على لقب "رسام" بعمل ...
من منا لم يواجه مثل هذه النماذج؟ فهذا الطالب الذي حصل على مجموعٍ عالٍ فاضطر إلى دخول كلية الطب بناءً على رغبة والده فقضى فيها بدل السنوات الست سبع أو ثمان سنوات على أقل تقدير ، وهذا الذي أرسله أهله لبلاد الغربة لأنه لم يحصل على المجموع المناسب لدخول كلية الطب في بلده فيعود بشهادة الطب !! وبجانبها شهادة "وداعاً للإنتماء" مع قليلٍ أو كثيرٍ من التطبع بأطباع الغرب البعيدة عن ديننا وقيمنا الإسلامية.


عذراً أيها الآباء عذراً !! أنا أعلم أنكم ما فعلتم هذا إلا حباً فينا ، ولكن يا أبي رجاءً لا تحقق حلمك بي ، اجعلني أنا أحقق حلمي لأنك ستفخر بي أكثر وسأحبك أنا أكثر


لقراءة الجزء الثاني .. هنا