هذا الجزء الأول من عدة مقالات حول الإبداع من كتابتي الخاصة وأتمنى أن يعجبكم ..
" في حياتنا مررنا بالكثير من التجارب في الحياة من يوم ولادتنا الأول حتى يومنا الحالي ، وهذه التجارب والأحداث مخزنة كلها في عقلنا الباطن سواء ذكرنا هذا أم لم نذكره ، ولكن الفرق يكمن في أن هناك تجربة نذكرها بكل تفاصيلها وأخرى لا نذكرها أبداً حيث أنها مخزنة في أعماق عقلنا اللاواعي والذي يعمل جاهداً خلف الكواليس ليحمينا من تكرار مثل هذه التجربة لو كانت مؤلمة ولتكرارها لو كانت العكس.
الإبداع في حياتنا مبني على هذه التجارب فإما تقويه أو تضعفه أو حتى تقتله، هل تذكر أنك في يوم من الأيام كتبت خاطرة بسيطة أو قصة قصيرة وعندما قرأها شخص آخر
قريب منك وسخر من كتابتك قمت برميها ولم تحاول تكرار التجربة؟ فبالرغم من أن هذه التجربة كانت أول درجة تصعدها في طريقك إلى الابداع الأدبي إلا أن مجرد كلمة في
غير محلها وانتقاد لاذع دمر كل هذا الابداع وحرمك من تكرار تجربة ربما كانت ستعطيك نوعاً من السعادة وتجعل منك انساناً آخر .
والغريب في الموضوع أن الشخص الذي قتل إبداعك هو أقرب الناس إليك لأن الانسان عادة لا يترك خواطره خاصة الأولى منها إلا بيد انسان يأتمنه ويثق به.
هذا مثال بسيط لقتل الابداع داخلنا ولكنه مثال بسيط ليس هو أساس موضوعي .. إن الإبداع الذي أقصده هو أعمق وأهم من ذلك .. ماذا أعني؟!!
حسناً عزيزي القارئ ، اذكر آخر مرة درست فيها لامتحان مدرسي أو جامعي أو حتى امتحان للقبول فكيف ندرس؟ في البداية نمسك الكتاب ونقرأ المادة لنتعرف عليها ثم نبدأ
بالحفظ عن ظهر قلب وهلم جرا ، وللأسف فإن نسبة كبيرة من هذه الفئة تنسى المادة كلياً بعد فترة وجيزة ، وهذه حقيقة واقعة وإن كنت لم تقرأ عنها فمن المؤكد أنك جربتها،
وحين أفكر بهذه الحقيقة أو أسمع بعض الأهالي وهم يتألمون منها أشعر بالألم وبسؤال يجتاح كياني ويتجمد على لساني فلا أستطيع النطق به، أريد أن أصرخ لأقول لهؤلاء الآباء :
ألستم من أوصل أبناءنا لهذه المرحلة؟
أريد أن أسأل المعلمين مربيي الأجيال : ألستم من قتلتم الإبداع في طلابنا بإجبارهم على الحفظ الحرفي للكتاب دون الفهم؟ فلم تلومونهم بعد ذلك على نسيانهم لمادة العام السابق؟
لن أظلم الجميع بكلامي هذا فهناك أمثلة تستحق الوقوف أمامها احتراماً وتقديراً على زيادة الإبداع في أبنائهم ، فها هي تلك الفتاة التي زرع فيها أهلها روح التفوق والإبداع
فكانت الكلمات الإيجابية غذاءها وروح التحدي والتنافس شرابها كيف لا وخلفها أبوان غرسوا فيها الإبداع وهيؤوا لها كل سبل الراحة لتحقق أحلامها فحصدوا نجاحاً وتفوقاً لم
يحلموا به.
أين لنا أن نجد آباءاً يعرفون أحلام أبنائهم؟؟ فمن عنده هواية الرسم قالوا له هذه مهنة لا تطعم في بلادنا !! ومن تفوق في الثانوية العامة وجب عليه دراسة الطب دون نزاع،
وزرعوا في نفوسنا أن هذه المهنة هي أفضل مهنة على الإطلاق وأن الحصول على لقب "دكتور" حتى ولو كان بلا عمل أفضل من الحصول على لقب "رسام" بعمل ...
من منا لم يواجه مثل هذه النماذج؟ فهذا الطالب الذي حصل على مجموعٍ عالٍ فاضطر إلى دخول كلية الطب بناءً على رغبة والده فقضى فيها بدل السنوات الست سبع أو ثمان سنوات على أقل تقدير ، وهذا الذي أرسله أهله لبلاد الغربة لأنه لم يحصل على المجموع المناسب لدخول كلية الطب في بلده فيعود بشهادة الطب !! وبجانبها شهادة "وداعاً للإنتماء" مع قليلٍ أو كثيرٍ من التطبع بأطباع الغرب البعيدة عن ديننا وقيمنا الإسلامية.
عذراً أيها الآباء عذراً !! أنا أعلم أنكم ما فعلتم هذا إلا حباً فينا ، ولكن يا أبي رجاءً لا تحقق حلمك بي ، اجعلني أنا أحقق حلمي لأنك ستفخر بي أكثر وسأحبك أنا أكثر
لقراءة الجزء الثاني .. هنا